ظاهرة تراجع شعبية الأحزاب الدينية / قناة العربية الفضائية
من العراق
مقدم الحلقة: سهير القيسي
تاريخ الحلقة: الجمعة 2-1-2009
ضيوف الحلقة:
منعم جابر (قائمة مدنيون الحزب الشيوعي العراقي)
د. مها الدوري (عضو مجلس النواب عن الكتلة الصدرية)
سهير القيسي: السلام عليكم مشاهدينا. أنا سهير القيسي أحييكم وأبدأ معكم حلقة جديدة من برنامج من العراق التي أعدها لكم نوفل الجنابي تشاهدون فيها:
- انتخابات مجالس المحافظات هل يذهب العراقيون في رحلة عدم الثقة بالأحزاب الدينية إلى آخرها؟ أم أن يوم الانتخابات سيعيدهم إلى طوائفهم.
ظاهرة تراجع شعبية الأحزاب الدينية
منتظر رشيد: بعد أن كانت تحتل صدارة ترتيب الأحزاب صاحبة التأثير على الشارع العراقي شهدت شعبية الأحزاب الدينية تراجعاً كبيراً، وهذا ما يمكن ملاحظته بشكل ملفت على خطابها السياسي وبرامج مرشحيها للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها نهاية يناير 2009.
محمد الربيعي (اتحاد نقابات عمال المجلس الأعلى): المجلس الأعلى والأحزاب الإسلامية لم تخسر ثقلها في الانتخابات ولا في الشارع العراقي، بالعكس زادت من ثقلها وزادت من وزنها في الشارع العراقي خصوصاً بعد الوضع الآمن اللي يشهده كل العراقيين والعرب والتطوير الحاصل والانفتاح على العالم بعد ما كنا مغلقين معزولين.
منتظر رشيد: ويرى المراقبون أن أسباباً عديدة وراء تراجع شعبيتها، منها إطلاقها لشعارات وعدت بتحقيق أمنيات العراقيين في خدمات وحريات لم يحصلوا على أي شيء منها.
أحمد كاظم (اتحاد المستقلين العراقيين): مع احترامنا لتاريخ هذه الأحزاب فإننا نرى كمستقلين أن هذه الأحزاب أخذت فرصتها في المرحلة السابقة، لكن هذه الأحزاب ارتبطت بالفرز الطائفي وهي مرحلة يستذكرها العراقيون بمرارة، واليوم يشعر العراقي بنوع من الفرح بأنه استطاع أن يتجاوز تلك المرحلة التي كانت تهدد إنسان الوطن، ونحن نعتقد أن العراقي يتجه إلى من يبشره بالمستقبل لا من يذكره بالماضي.
منتظر رشيد: ممارسات هذه الأحزاب أعادت إلى ذاكرة العراقيين ما كان يقوم به حزب البعث، لأنك مثلاً لن تنال أي وظيفة حكومية إلا بعد حصولك على تزكية من هذه الأحزاب.
علي السعدي (باحث وكاتب عراقي): الشعب العراقي كما هو معروف دفع أثماناً غالية طوال أكثر من 3 عقود من عصر الديكتاتورية، ثم عندما جاء التغيير استمرت هذه الأثمان كذلك، وما تزال، ومن حق الإنسان سواء كان إنساناً فرداً أم شعباً أن يرى نهاية لهذا النفق المظلم.
منتظر رشيد: إقحام الدين والطائفة في الصراعات السياسية واحتكار الوظائف الحكومية وتغليب المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية، كلها عوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع شعبية الأحزاب الدينية ما فتح الباب أمام منافسيها العلمانيين العائدين بقوة على ما يبدو. منتظر رشيد - العربية – بغداد.
سهير القيسي: لمناقشة هذه الظاهرة معي من بغداد الدكتورة مها الدروي النائب عن الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، ومن بغداد أيضاً معي السيد منعم جابر عن قائمة مدنيون. أبدأ معك سيد منعم. هل تراجع شعبية الأحزاب الدينية شيعية كانت أم سنية هو تراجع حقيقي وملموس؟ أم هو مجرد أمل وتخمين يروّج له العلمانيون؟
دفاع علماني عن قصور السابق
منعم جابر: أولاً أنا أشكركم على هذه الاستضافة. الشيء المهم الذي أريد أن أقوله أن تجربة السنوات الخمسة كانت تجربة مرة، تعرضت فيها أماني وآمال الشعب العراقي للكثير من الحسرة والألم، بسبب يعني بسبب شعور العراقيين بعد انتهاء الحكم السابق بأن هذه الأيام ستكون أيام خيرٍ وأيام بركة إلا أن الذي حصل الكثير من الأخطاء والسياسات غير الدقيقة، وأدى هذا الأمر إلى وجود نكوص وتفكير بجدية وجود حل للواقع الحالي، والواقع الحالي الحقيقة بدأ يأخذ شكلاً جديداً أو شكلاً متغيّراً نسبياً يعتمد على رغبة الشارع العراقي بوجود بديل جدي أو وجود أفكار جديدة تستطيع أن تقدم للمواطن العراقي الخدمات الجيدة وأن تقدم للمواطن العراقي.. نعم.
سهير القيسي: إلى الدكتورة مها..
منعم جابر: تقدم..
سهير القيسي: تفضل.
منعم جابر: تقدم للمواطن العراقي الخدمات وتقدم له الخير وتقدم له الاستقرار وتقدم له الأمن والآمان، لهذا نجد أن هنالك تغيّراً ملحوظاً في مزاج الشارع العراقي وهذا المزاج تغيّر بشكل يلاحظه المراقب بشكل دقيق، أي أن..
سهير القيسي: وصلت فكرتك أنه فيه تغيّر وأنه هو ملموس. دكتور مها الدوري طبعاً نحن هنا لا نناقش الفكر الديني، لا نناقش الدين، إنما نناقش السلوكيات والأمور المؤذية التي تعرض لها المجتمع العراقي باسم طبعاً الدين، يعني الدين السياسي، ألا تعتقدين بأن الأحزاب الدينية فعلاً ما نجحت بتواصلها مع العراقيين خلال خمس سنوات؟
د. مها الدوري: بسم الله الرحمن الرحيم. أحييكِ وأحيي ضيفك الكريم، وإن كنت لم أسمع أي كلمة مما تفضل به. في الحقيقة يجب أن نتفق في البداية على أن كثير من هذه الأحزاب الدينية هي لا تمثل من الدين إلا الاسم و الشكل، أما مضمون وجوهر الدين فهي بعيدة تماماً عن هذا المضمون والجوهر. وأنا ألاحظ أنها استخدمت الدين كصفقة واستخدمت الدين يعني كموجة تركبها لتحقيق مصالحها الدنيوية السياسية ومن أجل الوصول إلى السلطة. فلذلك لا نستطيع أن نعتبر ولا نستطيع أن نقول عن هذه الأحزاب أنها أحزاب دينية، هي أقرب ما تكون للعلمانية، هذا إذا لم تكن قد أصبحت علمانية فعلاً. ثم أن هنالك مخططاً كبيراً جداً خطط له بدهاء وبخبث من قبل قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها أميركا، فهي عرفت أن المرحلة القادمة سوف تكون مرحلة للتيارات الدينية بعد أن عانى العراق من الأنظمة الشمولية الدكتاتورية، فالنظام البائد لم يكن نظاماً دينياً وإنما كان نظاماً علمانياً.
سهير القيسي: نحن عندنا تجربة خمس سنين. هناك أحزاب استخدمت الدين لقمع الحريات وللحد من حرية الفرد وأيضاً أخذت فرصة سياسية كبيرة.
دفاع عن أحزاب دينية واتهام أخرى
د. مها الدوري: يعني الدين يدعو إلى الوسطية في التعامل، يعني خير الأمور الوسط وحب التناهي شطط. الوسطية في التعامل. يعني هؤلاء لم يؤسسوا قاعدة دينية سياسية مشتركة، حتى ينطلقوا منها من موقف سياسي إسلامي موحد لخدمة الجميع ولاحتواء الجميع، يعني احتواء جميع العراقيين بجميع أطيافهم وطوائفهم وأثنياتهم وأعراقهم، احتواء جميع المسلمين جميع العراقيين حتى ولو لم يكونوا مسلمين، الوقوف بوجه الباطل، الوقوف بوجه المحتل، أن يجعلوا من آلام وآمال الشعب العراقي - وهي قضية الكل - ليس مجرد دعاية انتخابية يتحدثون عن آمال وآلام الشعب العراقي قبيل الانتخابات، هذا سمعناه وتعودناه من هذه الأحزاب. هذه الأحزاب لا تعرف من الدين إلا الاسم والشكل وإن استخدمت الدين. لو كانت تعرف ثوابت الدين الإسلامي، لما كانت قد تعاملت مع المحتل، ولما كانت قد رضخت للمحتل وعملت على إعطاء شرعية للمحتل. في الدين الإسلامي من يغتصب بيتك فهو غاصب، ومحرم في الشريعة الإسلامية..
سهير القيسي: دكتورة مها خلينا نتوقف عند هذا التقرير.
د. مها الدوري: كيف إذا اغتصب وطن؟
سهير القيسي: نعم. رح ترجع نكمل وياك الحوار. إذاً من هي القوى التي ستواجه الأحزاب الدينية؟ ما هي فرصتها في النجاح ومدى شعبيتها عن ما يعرف بالتيار الوطني العراقي الذي تعرف به الأحزاب غير الدينية؟ نتابع هذا التقرير من ماجد.
ماجد عبد القادر: تواجه الأحزاب الدينية في العراق منافساً قوياً في انتخابات مجالس المحافظات، ويتمثل بالأحزاب غير الدينية من الجانبين السني والشيعي، والأحزاب اليسارية كالحزب الشيوعي إضافة إلى الشخصيات المستقلة. منافسون لم يكونوا ذوي أهمية للتيارات الإسلامية في الانتخابات السابقة.
عباس الجوراني (الحزب الشيوعي العراقي): نرى أن للأحزاب الوطنية والأحزاب ذات النهج الديمقراطي فرصة في الانتخابات المقبلة وحظوظ لا بأس بها بالفوز.
ماجد عبد القادر: ترى الأحزاب غير الدينية أن انتخابات مجالس المحافظات ستغيّر الخارطة السياسية، وذلك لعزوف الرأي العام عن التيارات التي أمسكت طوال السنوات الماضية زمام الأمور ولم تفي بالبرامج التي وعدت بها.
نوري علي (تجمع المشروع الوطني العراقي): الفرصة للأحزاب الدينية ستكون ضئيلة جداً لأنها أخذت الفرصة في الحملة السابقة أو في الانتخابات الماضية ولم تبدي شيئاً.
قيس العامري (كتلة التضامن): المواطن العراقي هو يستطيع أن يقيّم من كان أداؤه متميزاً أو أداؤه كانت لديه سلبيات أو إيجابيات.
ماجد عبد القادر: أما الصعوبات التي تواجه هذه التيارات فيقول ممثلوها: إن التيارات الدينية تمتلك المال والسلطة، وبالتالي تستخدم كل الأساليب القانونية وغير القانونية لصالحها لغياب قانون يضع الأحزاب تحت المساءلة.
خالد السراي (محلل سياسي): مشكلة أكو مال سياسي ضخم عند الأحزاب الدينية، الأحزاب الأخرى البديلة تفتقد لهذا الشيء، جهاز إعلامي ضخم، الأحزاب الأخرى آلية الوصول للناخب وطرح البديل للناخب هاي مشكلة حقيقية تعاني من عندها الأحزاب.
ماجد عبد القادر: تمتلك الأحزاب الدينية المال والسلطة. أما غير الدينية فيعتمد أغلبها على التمويل الذاتي وتغيّر توجهات الناخبين. معادلة لا أحد يستطيع الفصل بها إلا صناديق الاقتراع. ماجد عبد القادر- العربية- بغداد.
سهير القيسي: أستاذ منعم أنتم - يقول البعض - أنكم كسالى سياسياً، لأنه بعد تاريخ طويل من العمل السياسي ينتقدونكم بأنكم استسلمتم لواقع أحزاب دينية تصنف هذا المجتمع. ماذا تقول؟
منعم جابر: بصراحة نحن أحزاب سياسية تعرضنا لضربات قاصمة في المرحلة السابقة وقدمنا تضحيات كبيرة. هذا الواقع اللي عشناها خلال أكثر من 35 سنة أدى بنا إلى أن يعني أن يحصل بعض التغييب من الساحة، فالجيل الجديد لا يعرف جيداً من هم هذه القوى اليسارية أو القوى الديمقراطية أو القوى الوطنية، من هم الشيوعيون مثلاً. لكن الأحزاب الإسلامية تمتعت بشكل عام مع أنها قدمت تضحيات كبيرة، إلا أن الدين والدراسة الدينية والكتاب الديني ظل باقياً شامخاً في المكتبات وفي الاجتماعات.
سهير القيسي: لكن ما الذي يمنعكم.. ما الذي كان يمنعكم لتغيير هذه الذهنية أو للدخول في ذهنية المجتمع العراقي؟
منعم جابر: المجتمع العراقي هذه القضية لم تأتي مبتورة، وإنما الموجة الدينية أو الإسلام السياسي استطاع أن ينشط منذ منتصف السبعينات، وبدأت تأثيراته تكبر في منطقة الشرق الأوسط وكذلك في العراق، إلا أنها كانت مكبوتة بشكل أو بآخر بعد انهيار النظام السابق والاحتلال العراقي بدأ المواطن العراقي يتنفس شيئاً، بدأت قوى الإسلام السياسي تنشط، بدأ يقدم نفسه بشكل واضح وصريح دون خشية من شيء.
ما الذي سيقدمه العلمانيون مستقبلاً
سهير القيسي: طيب ما الذي ستقدمونه مغايراً يعني بالانتخابات المقبلة كأحزاب غير دينية؟
منعم جابر: نحن في الانتخابات القادمة نسعى لأن نقدم للمواطن العراقي أولاً تاريخنا، الشيء الآخر نقدم له النماذج التي عملت منا في الساحة العراقية، نحن لدينا بعض الشخصيات عملوا في الوزارات، عملوا في المؤسسات الحكومية، كانوا صورة رائعة من اليد البيضاء والنزاهة والنظافة والجدية. لذا فالشارع العراقي يسمينا في كثير من الأحيان أصحاب اليد البيضاء، الشارع العراقي بعد أن يئس من المرحلة السابقة سيحاول أن يقدم ولو بشكل جزئي لنا بعض الأصوات التي ستساهم في دفعنا إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية وسيكون لنا دور متميز ودور واضح في المرحلة القادمة.
سهير القيسي: شكراً لك منعم جابر عن قائمة مدنيون، نتحول إلى الدكتورة مها الدوري عن التيار الصدري، كيف تنظرون إلى هذه التيارات غير الدينية؟ هل هناك إمكانية لأن تلتقوا معها بأهداف محددة؟ أم أنكم تماماً على طرف نقيض معهم؟
د. مها الدوري: في الحقيقة هذه الأحزاب لم تحاول أن تبني مجتمعاً إسلامياً ولا نظاماً إسلامياً، ولو كانت فعلت ذلك لما كانت قد تراجعت شعبيتها، لأنها لو كانت طبقت الإسلام بحذافيره لكان هنالك مجتمع عادل ولكانت شعبيتها قد زادت لأن الإسلام هو الحل العادل. وتجدون أن كثيراً ممن كان يدعون إلى تطبيق الإسلام ومن رعاته تجدون أنهم بدؤوا يقتبسون تنظيم عدة جوانب من الدولة يقتبسونها من تنظيمات الغرب مع العلم كما قلت أن الإسلام هو فكر يتحرك ويضع لكل شيء حكماً وحلاً ويستطيع أن يمتد إلى جميع جوانب الحياة ولا يترك أي مجال أو فراغ ليملأه الآخرون. صراحة هذه الأحزاب لم تلتزم بالثوابت الدينية، تعاملها مع المحتل والتعامل مع المحتل يجعل أي شخص طبعاً أي حزب يتعامل مع المحتل يجعل من المستحيل أن يقدم أي خدمة لأبناء شعبه لأن هذا الاحتلال الذي ساهم في قتل وتدمير هذا الشعب لا يستطيع.. وساهمت هذه الأحزاب بطريقة أو بأخرى في قتل ويعني إذلال شعبها لا تستطيع أن تقدم له الخدمات.
سهير القيسي: دكتورة مها. فكرتك وصلت. لكن يبدو أن السيد منعم عن قائمة مدنيون لديه تعليق. إذا سمعت الدكتورة مها تقول بأن تطبيق الدين هو الحل. بسرعة يعني. وأن عدم تطبيق الدين هو سبب المشكلة، عدم تطبيق الدين هو سبب المشكلة من قبلكم.
منعم جابر: نحن نحترم الدين ونقدس الدين، ولكننا نعتقد أن زج الدين بشكل مباشر بالعملية السياسية قد يسبب بعض الأخطاء. فالأخطاء التي تحملتها الأحزاب الدينية هي أخطاء سياسية وليست أخطاء دينية، أخطاء سياسية، فسرت الدين تفسيراً غير يعني غير دقيق مما أدى إلى حصول إخفاقات وبالتالي تحمّلها الدين، وهو براء منها. إذاً المطلوب نحن نقول..
سهير القيسي: شكراً. وصلت فكرتك. خلص وقت البرنامج يعني هو الموضوع يحتاج كتير صح. يحتاج كتير بحث ويحتاج كثير نقاش. لكن وقتنا جداً محدود. شكراً لك سيد منعم جابر عن قائمة مدنيون. أيضاً الشكر موصول إلى الدكتورة مها الدوري عن التيار الصدري. انتهينا من محور هذا الأسبوع لهذه الحلقة ننتقل إلى الصحافة العراقية